الجدار الحر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجدار الحر


    زامل سعيد فتاح رحمه الله

    عراقية
    عراقية


    عدد المساهمات : 74
    تاريخ التسجيل : 05/04/2009

    زامل سعيد فتاح رحمه الله Empty زامل سعيد فتاح رحمه الله

    مُساهمة  عراقية الخميس يوليو 23, 2009 6:07 pm

    حين كنا طلاب مدارس ( في حقبة السبعينيات وما بعدها ) وكنا مازلنا نتعرف على الدنيا بالتدريج ــ والطفولة تنسحب على كل المحاور ..طفولة بالإحساس ، بالخبرة ، بالمفهوم والرؤيا ــ كنا نستاء أحيانا من الضغط المسلط علينا من المناهج الدراسية عن تاريخ حضارة العراق وعن أمجاد الماضي وعن التاريخ العريق لأننا كنا حينها أطفالاً لا نقدر مدى أهمية الأرض والانتماء والوطن ولا نعرف مدى قسوة الإحساس بفقدانهم .

    فمن طبيعة الإنسان التي جبل عليها أن يشعر بقيمة النعم بعد فقدانها .

    أما الآن وبهذا الظرف العصيب أصبحنا نجد لمعاني عمق التاريخ وعراقة الحضارة وجمل كتب التاريخ والجغرافيا عن الموقع الإستراتيجي وخيرات الأرض ومطامع دول الاستعمار وقع آخر بنفوسنا و ذواتنا وطريقة فهم جديدة لهذه المصطلحات .

    وبعد المقارنة بين العقود الثلاثة الاخيره المنصرمة عن العراق نجد كم كان جميلا ذلك العقد السبعيني في العراق . وبما أن الفنون هي احد أهم أساليب التعبير عن الواقع ، ففي نظرة إلى فن السبعينيات العراقي نستطيع أن نشعر كم كان ذلك العصر جميلا ومستقراً.

    أظن إن اغلبنا كان في تلك ألحقبه من الزمن لا يستسيغ الاغنيه العراقية وحين يصادفها على الراديو أو التلفزيون سرعان ما يتركها باحثا عن العندليب أو كوكب الشرق أو فريد الأطرش آو ورده الجزائرية ……. الخ

    أما الآن ونحن نسمع هذا التراث الثر ونحن في وحشة الغربة فأننا نحرص عليه ونحتفظ به كأغاني لا نريد أن ننساها ، نستمع إليها بنفس آخر، نفـَس الإحساس بلوعة الغربة وفراق الأحبة.. البيت والجيران والمدرسة والأصدقاء.. ونستذكر الحب الأول ودفتر الأشعار والذكريات حين كان خيالنا البريء يصور لنا أن لقاء الحبيب هو آخر محطات العالم .

    إني الآن أرى لهذا الفن الجميل فاعلية كبيرة وتعبيراً و إصراراً على وجودنا كعراقيين واجد كتاب تلك الأغاني كانوا شعراء متميزين ومطربين هم أبدا ليسوا اقل من غيرهم من فناني الدول العربية الأخرى لو و وجدوا المساندة الإعلامية الكافية .

    فعلى سبيل المثال هل هناك أي وجه للمقارنة بين مطربي العراق الرواد بالغناء الشعبي أو الريفي وبين ما نسمع الآن من الغناء الشعبي لصاحب الحنطور من باب الذكر لا الحصر و أسماء كبيره أخرى في الغناء العراقي كانــــت هي أروع بكثير من غيرهم.. أصحــاب أسمــاء

    و شهرة .

    و لكننا لا نشعر بقيمة فنانينا إلا عندما يكرمهم الغرب فلا نشعر بان رياض احمد مثلا رحمه الله كان فنانا كبيرا إلا عندما يذاع خبر وفاته من إذاعة مونت كارلو مع تقرير عن فنه الجميل الأصيل .

    أن شعراء تلك المرحلة لو أنهم قد التفتوا إلى نقطة واحدة وهي محاولة تقريب اللهجة العراقية من الفصحى لتفهم لدى العرب في دول أخرى لكان الفن العراقي الآن بالمقدمة ولا تقتصر الشهرة على ناظم الغزالي وكاظم الساهر .

    ومن بين ذلك التراث الزاخر وتلك المكتبة الغنائية الكبيرة والعامرة بالعمالقة تستوقفني وبشدة أغنيه للفنان فاضل عواد اسمها ( حاسبينك ) .

    ( حاسبينك ) … أن اللفظ عراقي شعبي بحت ، وبسبب شعبية اللفظ قد يتردد الكثيرون من الإنصات لهذه الأغنية و أنا هنا لست بصدد دعاية لهذه الأغنية باعتباري اطرب لها ، ولكني حين اسمعها ابدأ باستقرائها وأستقرى من خلالها المجتمع في ذلك الزمن فأجد كم كانت لحياة جميلة ، وكم كانت النفوس طيبة ، وكم كان العراقي إنسانا جميل الروح والعاطفة والإحساس .

    كنا نسمعها بالسبعينيات وربما لا نفهم أي معنى من معانيها أو بمعنى أدق لا نستشعر أي معنى من معانيها ـــ تماما كما كنا لا نستشعر جمل التاريخ والجغرافيا حينها ـــ .

    كم كان الشاعر ( زامل سعيد فتاح ) رحمه الله مرهف الإحساس شاعري الكلمات بهذه القصيدة الغنائية و كم كان جميلا ذلك الربط الذي نجده الآن مليئا رقة وعذوبة ما بين حب الوطن وحب الأرض وحب الناس وحب الحبيب .

    تشعر وأنت تسمع هذه الاغنيه أن ذلك كان زمنا جميلا جدا جدا جدا جماله يصل إلى حد الإبهار والذهول والألم . لماذا فقدنا نحن ومجتمعنا هذا الجمال .

    هم كانوا عراقيين.. ونحن عراقيون الآن !!!

    أي حياة رائعة تلك التي جعل الشاعر يكتب بهذا الجمال !!!!

    إن في هذه القصيدة كم من الإحساس بالسعادة والفرح والاطمئنان لا يُصدق ، ووصف يكاد يكون أوهام وخيالات لحبيب لا يهجر ولا يخون ولا يغدر …

    و يصف الشاعر لنا أيضا كيف أن الحب لهذا الحبيب (النادر الوجود ) جعل منه محبا يحب كل شيء على الإطلاق ، يحب الأرض ، و يحب الوطن ، ويحب ذرات تراب الأرض وربما الحديث في ذلك الوقت عن حب الوطن كنا نراه كلاما ليس ذي وقع في النفوس ولكننا الآن … نشعر بغلاة وعظمة هذا الحب ؟

    وكم يؤرقنا ما ألمَ بهذا المحبوب الغالي ؟ .

    يأتي بالمفردة المعبرة عن الوطن ( كَاع ) تلك الكلمة العراقية البحتة ويصوغ الجملة الشعرية بان روحه تحب ( الكاع ومن مشى عليها ) يعني هو بمعنى آخر يحب كل الناس .

    وهذا فعلا شان الحب الصادق يجعلنا نحب الحياة كلها .

    و يأتي على تشبيه رقيق جدا ما سبقه إليه احد من شعراء الاغنيه العربية …

    من أن الحبيب كالماء لن تتبدل صفاته الجميلة مهما تبدل الزمان و لقد كان هنا في استخدامه لفن الاستعارة والوصف عبقريا فما يوجد شيء لا تغيره الأيام وهي كالمبرد اللهم عدا الماء .

    انه فعلا حب رائع وحبيب نادر الوجود !

    ( ترى هذا الحبيب المثالي الرائع كان من ياصوب .. ؟؟؟؟؟؟؟ )

    قد يختلف معي البعض على المستوى الفني للاغينه ولا يجدها مثلما ما أجدها وهي كانت من الحان الملحن الكبير طالب القرة غولي ولكني اقرأ من خلالها ذلك الزمن الجميل وذلك العراق الذي كان وكم هو مختلف عن عراقنا الآن .

    فلابد أن الشاعر كان يكتب مستوحيا هذا الكم الهائل من السعادة من عصره وزمانه .

    هل كان المجتمع حينها متماسكاً بكل أطيافه ، جميلاً ، لا حقد فيه ولا غدر ولا خيانات ، حتى يكون شاعرنا بكل هذا التفاؤل ؟

    الم يكن يفكر ما إذا كان هذا الحبيب من أي صوب أو على أي قومية أو أو أو .

    كان يرى هذا الشاعر الجميل من حب الحبيب وحب الوطن حب واحد تندرج تحته كل أنواع الأحاسيس الجميلة .

    وكيف لا وحينها كان الوطن خالي من المفخخات .

    و أخيرا لمن يحب أن يغير من نفسيته قليلا ( وشبع هم وقهر على العراق الغالي ) و يرغب بالاستماع لهذه الأغنية الجميلة تجدونها على هذا الرابط


    http://www.4shared.com/file/53573623/77183b4b/___online.html?start=



      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 4:28 pm